مع أول زخة مطر .. عائلة يتهاوى سقفها وتفقد أربعة من أفرادها في ذي قار

تحقيقات
19 تشرين الثاني 2022
مع أول زخة مطر .. عائلة يتهاوى سقفها وتفقد أربعة من أفرادها في ذي قار

المربد: رعد سالم

لم يكن يعلم الطفل عباس عزيز أنه سيبيت آخر ليلة له تحت سقف غرفته المتهاوي بين أحضان والده وهو يحلم بالكثير مع أول موجة مطرية غزيرة علها تنعش حياتهم من جديد وهم يتوسطون منطقتهم الزراعية في قرية نائية بقضاء الفجر شمال محافظة ذي قار.

 

انهيار المنزل

في ليلة ظلماء ومع غزارة الأمطار في أول طلائع الشتاء انهار سقف المنزل والغرفة التي كانت تحتمي تحتها العائلة مع ساعات الفجر الأولى تهاوت عليهم أعمدة حديدية وخشبية وحصائر القصب وكميات كبيرة من التراب لتنهي حياة الأم والأب وطفلتين وينجو من الحادث ثلاثة بنات وأخيهم عباس.

أطلال المنزل الموحشة وآثار الدمار الذي لحقت به تبعث برسالة أن كل شيء انتهى في هذا المكان فلم يعد بالإمكان دخول الغرفة الوحيدة بلا سقف ولا سقيفة التنور الخارجي بعد أن غادرته أم البيت ولا رائحة حنان الأب الذي خسر حياته وهو يجاهد من أجل معيشتهم.  

 

أطفال ناجون

يقول الطفل عباس إن والدته نهضت مع أذان الفجر تكمل صلاتها وتعود إلى الغرفة فيما طلبت من إحدى بناتها أن تجهز لأختها الرضيعة علبة الحليب وفي هذا الأثناء انهار السقف على العائلة وتتعالى أصوات النجدة منهم لأهالي المنطقة لأجل إنقاذ العائلة .

شهود عيان

أبو عباس جار العائلة في قرية جعفر الطيار التي تبعد عن مركز قضاء الفجر 20 كم سارع لإنقاذ العائلة وإخراج المصابين منهم بعد سماع أصوات المستغيثين لكن تلك الجهود لم تفلح في إنقاذ الجميع كون الطريق الرابط مع المدينة موحلا بسبب الأمطار وتعثرت الإمكانيات في نقلهم إلى المستشفى لتنتهي حياة الأفراد الأربعة في ظل هذه الظروف.

يقول أبو عباس إن العائلة نكبت في فقدان أربعة منها في ظل ظروف معيشية وخدمية متهالكة ولم يبقى للناجين منهم إلا رحمة الله سبحانه تعالى وإن المنزل متهالك لا يمكن العيش فيه من جديد ويطالب بان يتعاون الجميع لإنقاذهم من هذا الواقع.

خال العائلة جاسم راهي يصف الحادث بالمأساة ويقول إن هذا الواقع يعاني منها الجميع في القرية نتيجة حالة الفقر التي يعيشها أغلب سكان القرية ولم يكن بالإمكان تجهيز غرفة مناسبة لهم حيث يلجأ الأهالي إلى تشييد منازلهم من مادة البلوك الأسمنتي وسقفها بأعمدة حديدية وخشبية وحصائر القصب.


الفقر والحرمان

لم يبقَ من منزل العائلة سوى ملابس معلقة على جدران الغرفة الوحيدة لهم وخزانة ملابس خشبية محطمة تحيط بها الأتربة والأعمدة الحديدية والخشبية في صورة مؤلمة تعكس حال العائلة الفقيرة التي غاب عنها المعيل والحضن الدافئ.

أحد أهالي المنطقة ستار الركابي يقول إن الفقر الذي تعاني منه العديد من العائلات تكررت فيها حالات سقوط منازل طينية وإسمنتية لا تحظى بسقوف تؤويها وحياة معدمة من جميع المتطلبات وداعيا الجهات الحكومية أن تنظر إلى معاناة هذه القرية ومد يد العون لها في ظل انعدام جميع الخدمات ومنها الطريق العام وشبكات الكهرباء والماء والمدرسة المتهالكة.

ويبقى الطفل عباس عزيز يحوم حول مكان الحادثة وعيونه محسورة ودموع يحاول حبسها بهيئة رجل أمام أخواته الثلاثة الناجيات وهو يبحث بين الأنقاض عن أم وأب وأخوات رضيعات غيبهم القدر. 



المزيد من تحقيقات

Developed by AVESTA GROUP