مزرعة إكسبو دبي .. نموذج تجريبي للزراعة المستدامة والأمن الغذائي في مواجهة تغير المناخ
المربد/ تغطية خاصة / وسن فتحي
في مواجهة تغير المناخ في عموم مدن العالم، وضرورة تأمين الأمن الغذائي، تتجه البشرية نحو البحث عن حلول مبتكرة في مجال الزراعة وفي هذا السياق، برز دور إكسبو دبي كوجهة عالمية لعرض ومناقشة هذه الحلول، ومنها الزراعة المستدامة.
وقدمت مزرعة مدينة إكسبو دبي، التي احتضنت فعاليات مؤتمر الأطراف الخاص بتغير المناخ (مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP28)، نموذجا عمليا لكيفية زراعة الفواكه والخضراوات في الصحراء بطريقة مستدامة.
وتعتمد هذه المزرعة على مجموعة من التقنيات الحديثة، مثل الزراعة الداخلية والري بالمياه المكثفة من الهواء، بالإضافة إلى استخدام الفحم الحيوي.
تجربة لغذاء صحي ومستدام
موفد المربد حاور مدير الاستدامة في مدينة إكسبو دبي، مي شلبي، وفي البداية، طرح عليها سؤالا حول الأسباب التي كانت وراء إنشاء المزرعة؟، قالت "هناك ثلاثة أسباب رئيسية، الأول هو أن الزراعة عالميا سبب رئيسي لزيادة الانبعاثات للغازات الحرارية في العالم لذا، أردنا أن نجد حلولا بشأن الزراعة المستدامة، لنتمكن من تقليل الانبعاثات وكذلك امتصاصها ونعيد تخزينها في التربة.
والسبب الثاني هو أن دولة الإمارات لديها استراتيجية للأمن الغذائي لسنة 2051، وجزء من هذه الاستراتيجية هو زيادة الإنتاج المحلي للأغذية لذا أردنا أن نؤكد للجميع قدرتنا على إنتاج غذاء صحي ومستدام في الدولة.
السبب الثالث هو سبب محلي أكثر، وهو سبب مدينة إكسبو نفسها لقد تحولنا من فعالية إكسبو 2020 إلى مدينة إكسبو، وكأنها مدينة تمتلك أشخاصا يعملون بها، وقريبا سيكون لدينا أشخاصا يعيشون في المدينة وجزء كبير من أي حياة هو الطعام، لذا أردنا أن نقدم طعاما مستداما وصحيا أكثر لسكان المدينة وزوارها.
المرحلة التجريبية
وعن سؤال المربد إذا كانت هذه المزروعات قادرة على تغطية ما يكفي على الأقل للعاملين من إنتاجها؟ أجابت" نحن الآن في المرحلة الأولى (بايلوت)، التجريبية، ولم نحصد في السنة الأولى أي منتجات، لكن نتوقع أن نحصد تقريبا أربعة أطنان في الموسم وستكون المحاصيل كثيرة، لكنها ستكون كافية لمطعم واحد ولدينا خطط لزيادة الإنتاج في المستقبل وفق خطة اقتصاد دائري مصغر، حيث إنه بعد الإنتاج نأخذ المحاصيل إلى المطبخ ونجري عليها التدريب لدروس الطهي كما نعيد استخدام مخلفات الطهي كسماد عضوي".
الرسائل والأهداف
وعن الأهداف العامة والرسائل التي يراد أن تنطلق من المزرعة، أوضحت بالقول" لدينا عدة رسائل من المزرعة والتنوع الزراعي منها، أولا وكما ذكرنا هو تقليل الانبعاثات، ومن ثم كيفية الزراعة بأقل الاستهلاكات للحفاظ على الموارد الطبيعية كالمياه على وجه الخصوص، بالإضافة إلى زيادة التنوع الزراعي في المدينة عن طريق زراعة أنواع مختلفة من النباتات، وتوفير الموائل للكائنات الحية الأخرى، مثل الطيور والنحل وغيرها. ليساهم ذلك في التطور البيولوجي في المدينة".
عودة لأصل الفكرة
وعن أصل فكرة المزرعة،
قالت إن الخطوة الأولى كانت في إكسبو 2020، حيث كانت هناك بالفعل مزرعة مصغرة تظهر
نوعا معينا من الزراعة وهي الزراعة الملحية. وقد كانت هذه البداية لأفكار أكبر حول
كيفية جعل المدينة أكثر استدامة.
فبالنظر إلى أن الإمارات تستورد أكثر من 85% من
غذائها، أردنا أن تكون إكسبو مدينة نموذجية مستدامة للمستقبل. لذا بدأنا بالنظر في
كيفية بناء مبان أكثر ملائمة للبيئة وصديقة لها، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة
والصديقة للبيئة أيضا وكانت المزرعة هي الخطوة الأولى نحو هذا الهدف، مع الأمل
بالتوسع المستمر لجعل المدينة ذاتية الاكتفاء بشكل متزايد في مجال الغذاء، وفقاً
لحديثها.
في الختام
رغم أهمية تجربة هذه المزرعة، وإمكانية تعميمها في المدن الأخرى، خاصة في المناطق التي تعاني من شح الموارد الطبيعية، إلا أن التحدي الأكبر يتمثل في كيفية زيادة إنتاجها بشكل مستدام، بما يضمن تغطية احتياجات السكان والزوار كما أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث والدراسات لتحسين تقنيات الزراعة المستدامة.