الصابئة أصدقاء الماء والنهر حيث الطهارة والتعميد .. "تُدرس" قبورهم في المشرّح .. وتتحول لأراض زراعية
الصابئة المندائيون: أصدقاء الماء والنهر حيث الطهارة والتعميد .. "تُدرس" قبورهم في المشرّح .. وتتحول إلى أراض زراعية
رغم بعد الشقة ونأي الدار .. سرهم "مدفون" بين دجلة والفرات .. ويوصون بحماية المقبرة..
ناشطون: رممنا أكثر من 300 قبر .. ونحتاج لــ"سياج"
يحمي المقبرة من المتجاوزين!!!..
المربد: طعمة البسام / جاسم الأنصاري
موطنهم الأصلي جنوب العراق، يعيشون
عند ضفاف الأنهار، حيث النهر صديقا والماء مطهرا من الأدران والذنوب، وفي أعيادهم
وبملابسهم البيضاء، ينزلون إلى الماء للطهارة والتعميد، عاشوا هنا في هذه الأرض آلاف
السنين، ينحدرون من أعراق عراقية قديمة، ورثوا حضارات سومر وأكد وبابل وآشور،
عاشوا وتعايشوا بسلام وود مع كل الأقوام التي استوطنت بلاد ما بين النهرين ... يمارسون طقوسهم وعباداتهم، دون يزعجوا أحدا
... ويقولون إنهم أتباع النبي يحيى المعمدان الذي ذُبح غيلة وقُدم رأسه إلى عاهرة الملك على طبق من ذهب ... أناس
مسالمون، أمضوا سنواتهم في صياغة الذهب فأبدعوا فيه أيما إبداع.
في السنوات الأربعين الماضية هجر
الكثير منهم أرض آباءهم وأجدادهم و"تطشروا" في الأرض الواسعة ... من السويد
إلى استراليا ومن كندا إلى ما لا نعلم ... غير أن سرهم ظل مرتبطا دوما بأرض
النهرين العظيمين حيث موضع وموقع الطهر والطهارة ... وظلت قبور أسلافهم شاخصة
تحكي قصة الارتباط الأزلي بين المندائي ونهري دجلة والفرات ... حتى وان نأت الدار
وبعد المزار.
ففي مدينة العمارة حيث يرقد "زهرون عمارة" جد الشاعرة لميعة عباس
والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد والذي كان يصنع الحلي والأنتيكات والأساور لقياصرة
روسيا وملوك بريطانيا ... يرقد في مقبرة بناحية المشرح في محافظة ميسان ... غير أن
المقبرة ومع هجرة الأهل والخلان والأحبة قد "دُرست" وتحولت إلى أطلال
تناوشتها أيادي الزمن والمخربين.
المربد ذهبت إلى المقبرة ... فوجدتها أرضا
بلقعا ... حيث يشكو عددٌ من ذوي الأموات
ممن دفنوا في هذه المقبرة من إهمالٍ متعمد لها وتحويلِها لمكبٍ للنفايات معتبرين
ذلك استخفافا وعدمِ احترامِ لقدسيةِ الموتى المدفونين هنا.
يقول سرمد وهو احدُ أحفاد أقدم صابئي دفن في
المقبرة: نرصد بين فترةٍ وأخرى تجاوزاتٍ على المقبرة
التابعة لطائفةِ الصابئة المندائيين وتتمثل تلك التجاوزات برمي النفاياتِ
والاستحواذِ على مساحاتٍ من الأراضي التابعة للمقبرة، بل وسرقة بعض "مظلات
الحديد" الموجودة على القبور.
الناشط حيدر الساعدي من جهته قال لنا إنهم كنشطاء قاموا قبل فترة بترميم جزء من تلك
القبور التي تتجاوز الــ 300 قبر ولكن الموضوع يحتاج لوضع "سياج" حول
المقبرة لحمايتها من التجاوزات وحماية القبور والتي تعتبر ارث وتاريخ ميساني لا
يخص الصابئة فقط.
الصابئة مكون في فسيفساء المجتمع
العراقي ... مسالمون، طيبون عاشوا جيل بعد جيل عند ضفاف انهار العراق ... حرفيون، مهاريون، متشبثون بأرض آبائهم وأجدادهم ... غير أن رياحا عاتية لا قوة لهم بها
قد جرفت بعضهم بعد عام 3002 فوجدوا أنفسهم بعيدين عن وطنهم ... إلا أن قبور أسلافهم
ما زالت تشدهم إلى هذه الأرض ... وهذه القبور ومنها مقبرة المشرح قد انتهكها من لا
يحترم قدسية الأموات وحرمتهم ... غير أن الخيرين عملوا ما استطاعوا للحفاظ على ذلك
الإرث الإنساني.